الحمد لله رب العالمين الحمد لله ناصر المظلومين والمستضعفين وقاصم العالين والمسرفين والمستكبرين والصلاة والسلام على أشرف الخلق المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطاهرين وبعد :
إلى كل إنسان غيور على دينه يقرأ هذا وهو يشعر في قلبه ذرة من الأيمان والغيرة على دين الله:-
إليكم جميعاً- أيها المسلمون –أينما كنتم قصة أبشع جريمة شهدتها صنعاء بل الديار اليمنية بأسرها.
قد يقال إن القتل جريمة ولكن هذه أكبر وقد يقال إن الجرائم التي تحدث عن سبق إصرار وترصد لابد أن يكون لها سبب ولكن هذه أكبر ، لأنها جمعت كل ذلك ولم يكن لها سبب.
هل سمعتم – يا أمةُ الإسلام – في دهركم برجل بنى مسجداً أو جامعاً للعبادة وبعد أن صلى فيه ثلاثة فروض فقط يجازى بأن توجه الأعيرة النارية إلى صدره ليقتل ظلماً وعدواناً وهو أعزل بدون سلاح بين مسجده وبيته.
تلك هي قصة الرجل الباذل المعطاء السخي الرجل الذي بنى مسجداً من كل قلبه ومن حر ماله ثم أتبع ماله بنفسه رضاءً لله .. إليكم قصة هذا الرجل :
}عبده علي عثرب{ شخص مشهور بالعطاء في كل وجوه الخير في منطقة الدائري الشمالي وكان أبوه كذلك من قبله .. كان شيخاً كبيراً مؤمناً يحمل حقيقة الإسلام بين جنبيه . أوصاه ببناء مسجد.
وعندما حانت منية هذا الرجل الصالح – الحاج علي عثرب – حدد لولده – عبده – أرضية كبيرة يملكها بجوار مسجد صغير، وأوصاه بأن هذه الأرضية وقف ليوسع المسجد فيها متى هيا الله له موسع. وبعد سنين من وفاته جاء أبناء نوري العجمي بوصية من أبيهم يريدون توسيع المسجد وكان ذلك ، ولكنهم عجزوا عن إتمام البناء فقام عبده عثرب بإكمال المسجد بجميع مرافقه ، فباع جزءاً من أموال والده حسب الوصية ، وشرع في العمل وكان الناس يستغربون جَدّ الاستغراب لما يفعل فقد كانت يده أبسك من الريح المرسلة في بناء الجامع حتى أتم بناءهُ بعد سنتين ونصف وأراد هذا الرجل – الذي أحس بأنه راضِ عن نفسه في تنفيذ وصية والده ببناء المسجد بعد أن أرضى الله بطاعة والده أولاً بأن بنى مسجداً لا يقصد به إلا وجه الله ثانياً – أراد أن يجعل المسجد الذي لم تشب الإخلاص في بنائه شائبة بنظر أورع عالم وأفضل رجل عرفته اليمن ذلكم هو الرجل المبارك الذي قرعت مواعظه وفتاواه سمع اليمنيين شرقاً وغرباً، العلامة الكبير والرجل المبارك نائب مفتي الجمهورية العلامة/ حمود بن عباس المؤيد، لقد ذهب عبده عثرب إليه وقال له : أيها العالم الجليل لقد بنيت مسجداً وِأريدك أن تعين لي إماماً وقيماً من قِبَلِكَ فدله حفظه الله عل رجلين عالمين أخذا العلم على يديه وأصبحا منه وإليه وكانا من أفضل وأنبل طلاب العلم الذين درسوا عنه فذهب إليهما ووقع مع كل منهما عقداً بمهمته في الجامع وأسكنهما في شقتين خصص إحداهما للإمام والأخرى للمؤذن، وعندما فتح الجامع يوم الجمعة 17/7/98م افتتحه العلامة حمود بن عباس المؤيد بأن خطب وصلى بالناس الجمعة، ولهذا لم تسترح جماعات الإرهاب التي تدعي أن الإسلام لا يحق لمسلم أن يظهر شعائره إلا هم ، ولا أحد ولو كان حمود بن عباس المؤيد أن يؤم المسلمين إلا هم ، أعمى الحقد قلوبهم وأبصارهم فهم يعتقدون أن جميع المسلمين كفار ماعداهم، وأن جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لا تقبل صلاتهم ولا صيامهم إلا بإشراف منهم.
نعم هكذا يعتقدون أن من لم يتبعهم فإن دمه مباح لهم حلال في إسلامهم قتلهُ، ومن لم يذعن لأوامرهم فلا بد من سفك دمه.
فعندما عرضوا عل باني الجامع الحاج عبده عثرب أن يسلمه لهم ليأموا الناس رفض لما يعلم من ادعائهم الدين فضغطوا عليه فلم يتراجع وأخبرهم بأنه أب لمسجده إلا العلامة الكبير حمود بن عباس المؤيد.
لم يعجبهم حمود بن عباس المؤيد ولا طالبا من طلابه بل صمموا أن يقتحموا مسجد الرجل وبيت الله ولو أدى ذلك إلى فتنة عارمة.
وفعلاً فقد فعلوا.. ففي عصر الجمعة قاموا بمهاجمة المسلمين بعد أن اصطفت صفوفهم في الجامع وهم يدفعون رجلاً منهم أمامهم ويصيحون بأن لا يؤمنا إلا هذا . واشتعلت الفتنة كما كانوا يريدون ولم يصلِ الناس ولولا لطف الله لسالت الدماء في بيت الله.
وقام إمام الجامع الذي عينه العلامة حمود المؤيد بإخراج الناس خشية أن يحدث مكروه في الجامع وأغلقه درءاً لفتنتهم التي لا يفتئون يشعلونها.
وفي يوم السبت وما أدراك ما يوم السبت ، فُتح الجامع وقت صلاة الظهر على اعتبار أن المجرمين قد أودعوا سجون الأمن وليس كذلك، بل لم يتواجدوا ظهر السبت لأنهم ظنوا أن الجامع سيظل مغلقاً وفتح الجامع بسلام وصلى الناس الظهر.. وما لبثوا أن اجتمعوا بعد أن جمعهم أفراد العصابة الكبار وأبلغوا أسيادهم الذي لهم قدم عرضة في السلطة واستنجدوهم على الحاج عبده عثرب لأنه لم يذعن لأوامرهم وأبى لجامعه إلا أن يكون مخلصاً لا مخضعاً لأغراضهم.
واجتمع الكل إلى الجامع وقت صلاة العصر من يوم السبت 18/7/97م وأشعلوا المسجد ناراً على من فيه وحاولوا اقتحامه مستهدفين إمام المسجد وبانيه فردهم بعض الشباب بشق الأنفس ومنعوهم من اقتحامه.
وعندما سمع الحاج عبده على عثرب من بيته إطلاق النار خرج ليس عليه إلا ثوباً أبيضًا فقط لا غير، لينظر ماذا يجري،، ولكن سرعان ما صبوا عليه وابل رصاصاتهم فأردوه قتيلاً مضجراً بدمه بين مسجده – الذي بذل فيه ما يزيد على خمسين مليوناً – وبين بيته – الذي خلف فيه أبناء أخيه الذين يعولهم بعد وفاة والدهم، وأمه التي لم يبق لها غيره ،وبعض محارمه – .
قتلوه وقت صلاة العصر في وضح النهار ولم يكتفوا بذلك بل أرادوا – وهم سبعة أشخاص حملتهم سيارة ......... بفرقته التي لا تزال بجانب الجامع – أرادوا أن يتبعوا أثنين من أقاربه – أعني عبده عثرب – به ، وقد أصيب قريباه بجروح خطيرة ونقلا إلى المستشفى، ولا يدري مصيرهما إلا الله.
لقد استطاع الوهابيون وبنجاح أن يستغلوا ما يحضى بعض المتنفذين من منزلة في أوساط الشعب واستطاعوا التغرير عليهم حتى وضعوهم في خندق واحد ضد المواطنين، ليحطوا من منزلتهم في قلوب أبناء الوطن، وليجعلوهم ستاراً لجرائمهم التي يرتكبونها.
هكذا أيها المؤمنون الغيارى إشترى الله من المظلوم المقتول في سبيل الله ظلماً وعدواناً عبده على عثرب، اشترى منه نفسه وماله بأن له الجنة إن شاء الله (( إن الله إشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة )) ، (( والله لا يخلف الميعاد)).
لقد سقط الرجل شهيداً موفقاً مبروراً وأبى الله له أن يستشهد إلا بعد أ، أتم مسجده وأسمع الكبير والصغير أن هؤلاء المجرمين الذين يدعون أنهم أئمة وخطباء لا يريدون إلا الفتنة ، وقد أثبتوا ذلك بأن قتلوه عند باب مسجده ، واشتركوا صغيرهم وكبيرهم في دمه، ولم يكن خفياً عدائهم له قبل موته.
لقد سقط ضحية الحقد والتعصب الحزبي المذهبي البغيض ، ذهب ضحية لجماعات الإرهاب التي دمرت الجزائر وتريد تدمير اليمن، ذهب ضحية المتنفذين الذين يأكلون أرزاق المواطنين ويسفكون دمائهم بدون وجه حق إلا أن قالوا ربنا الله.
وكشف الله به الوجه الأسود المظلم للجماعات التي تحمل اللحى المزيفة وكان مقتله صرخة تقرع كل من جرى في عروقه دم الاسلام بل وحتى دم الإنسانية أو ألقى السمع وهو شهيد أن هؤلاء ليسوا إلا مجرمين لا يريدون من إدعائهم الدين إلا الدنيا والشهرة والكذب على الناس وجعل المسجد مؤسسة إستثمارية لجلب أموال المسلمين بدعوى أنها لبناء الجامع كما فعلوا، ولم يبينه سوى عثرب.
وعندما قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : (( لأن تهدم الكعبة حجراً حجرا أهون عند الله من هدر دم امرئ مسلم))، كان هؤلاء المجرمون يسفكون دم الذي بنى المسجد، عند باب المسجد ويستحلون دم من في المسجد لأنهم مُنِعوا من التلاعب بالناس من على منبر هذا المسجد.
ولكي يطلبوا الدنيا إنطلاقاً من المسجد مستعدون أن يقتلوا الرجل ويسفكوا دمه وربما يهدموا المسجد ويقتلوا من فيه إذا لم يكن المسجد على عقيدتهم السوداء، وطريقتهم في طلب الدنيا، وهذا دأبهم أين ماكانوا ... فهل من معتبر؟ ولاحول ولا قوة إلا بالله.
بعد ثلاثة أيام من الفاجعة سيق إمام وخطيب الجامع إلى السجن ليبقى فيه ما يقارب الشهرين، حيث دُعيَّ كشاهد في القضية فقط!! ، وبعد خروجه من السجن تم تشييع جثمان الشهيد وتم دفنه بالقرب من المسجد ، وفتح الجامع أسبوعين ومن ثم استطاع بعض النافذين أ، يرسل ستة طقوم لإغلاق الجامع بدون أمر من الجهات المختصة وأخذوا تعهداً من بيت عثرب بعدم فتح الجامع ، كان هذا في صبيحة يوم السادس والعشرين من سبتمبر 26/9/97م ، بعد الهجوم السافر على مركز بدر العلمي ، وبقي الجامع مغلقاً ثلاث سنوات حتى فتح في عشرة رمضان 1421هـ .
أما قضية اغتيال الشهيد فلا زالت حتى الآن في أدراج المحكمة .
إلى ديَّان يوم الدين نمضي ......... وعند الله تجتمع الخصومُ
ومما قيل في رثاء الشهيد عبده عثرب رحمة الله تغشاه:-
بيتاً إليه بما بنى يتقرب
قد شاده ذاك السخي الطيب
من ماله حيث المثوبة يطلب
كيما إلى الفردوس فوراً يذهب
أرِخ ( جوزيت أجورها ياعثرب)
لله مولى الفضل شيد (عبده)
لعبادة وتلاوة وتعلم
ولقد أجاد بناءه بتوسع
وبباب مسجده ينال شهادة
هذا هو الفضل العظيم وإن تُرِد