Shbab
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Shbab

منتدى عام ديني ثقافي اجتماعي شبابي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عقود التشكيك لمعرفة من هو صاحب المذهب الزيدي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الحسن الرصاص
عضو مبتدىء
عضو مبتدىء
الحسن الرصاص


المساهمات : 47
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

عقود التشكيك لمعرفة من هو صاحب المذهب الزيدي Empty
مُساهمةموضوع: عقود التشكيك لمعرفة من هو صاحب المذهب الزيدي   عقود التشكيك لمعرفة من هو صاحب المذهب الزيدي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 22, 2008 7:09 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على سيدنا محمد واله


لما كانت مسائل المذهب الزيدي الهادوي وأحكامه المقررة ، التي حصَلها وجمعها وأصلَّ قواعدها فريق من كبار علماء هذا المذهب على فترات مختلفة من تاريخ ظهوره حتى انتهت إلى ما هي عليه اليوم غير معزوَّةٍ كلها إلى الإمام الهادي يحيى بن الحسين ، كما لم تكن كذلك معزوةً أيضاً إلى الإمام الأعظم زيد بن علي ، فكان في نسبة هذا المذهب إليهما أو إلى أحدهما تجاوز للحقيقة ، وخروجٌ عن الواقع .
لذلك فقد تنبه الإمام محمد بن إسماعيل الأمير لهذا الأمر المشكل ، فذاكر جماعةً من العلماء المبرزين في هذا المذهب ، منهم والدُه وبعضُ شيوخه ، مثل صلاح بن حسين الأخفش ، وعلي بن يحيى بن لقمان ، وعبد الله ابن علي الوزير ، كما ذاكر به بعض تَلاميذه ، مثل إسحاق بن يوسف ابن المتوكل إسماعيل ، مستفسراً عن تعيين صاحب هذا المذهب ، ومن هو واضع قواعده ، وجامع شتات مسائله ، ليكونوا على علمٍ به ، فصاع إسحاقُ بن يوسف هذا السؤال في قصيدته التالية التي سماها ( عقود التشكيك ) :

أيها الأعلامُ من ساداتنا ومصابيح دياجي المشكلِ
أخبرونا ما الذي تَدْعونه مذهباً في القول أو في العملِ؟
من هو المتبوعُ سمُّوه لنا علَّنا نقفوه نهجَ السبل(1)
فإذا قلنا : ليحيى ، قيل : لا هاهنا لحق لزيد بن علي
وإذا قلنا : لزيد ، قلتم : بل عن الهادي هنا لم نعدلِ(2)
وإذا قلنا : لهذا ولذا فهما خير جميع الملل
وسواهم من بني فاطمةٍ أمناء الوحي بعد الرسل
قرروا المذهبَ قولاً خارجاً عن نصوص الآل وابحث وسلِ
أن يكن قرَّره مَنْ دونَه فقد انسدَّ طريقُ الجدل
ثم من ناظر أو جادل أو رام كشفاً للذي لم ينجل
قدَحُوا في دينة واتخذوا عِرضَه مرمى سهام المنصل(3)

وقد أجاب على هذا السؤال المشكل العلامة الحسن بن إسحاق بقوله :

حبذا نظلمُ سؤالٍ جاءنا من بليغٍ لا يُجارى مِقْوَلِ
قال فيه : هل لنا من مذهب يقتفى في القول أو في العمل ؟
أم تُركنا هملاً نَرعى بلا سائَمٍ نقفوه نهجَ السُبل
إن تكن مُسترشداً فاسمع لما لك أُمليه ومَل عن مَلل
ما تُركنا هملاً كيف وقد جاءنا خيرُ نبي مُرسل
بكتابٍ مُعجر فيه هدى وشفاء من جميع العلل
فإذا رمت اهتداءً فاجتهد فاجتهاد المرء خيرُ العمل
واتبع سنته معتمداً لدلي مُسندٍ متصل
لا تقلد عالماً مجتهداً لدليل مُسندٍ متصل
وإذا لم تستطع هذا فثق بعُرى آلأ أجلِّ الرسل
قلِّد الآلَ ، وعنهم لا تمل تنجُ قطعاً عن مهاوي الزللِ
لا تقل : إن اختلافاً بينهم صَّر الواضح مثل المشكل
((وإذا قلنا : ليحيى قيل لا ها هنا الحقَُ لزيد بن علي ))
واختلافُ الآل فيما بينهم ليس قدحاً سيَّما في العمل
إن أصحابَ النبي اختلفوا وهمُ خيرَ القرون الأولِ
فارجع اليومَ لما قرَّرَهُ آخرُ منتصرٍ للأولِ
قد بنى الفرعَ على أصلٍ إلى مقصِدِ الشَّابق منهم موصِلِ
فإذا خالف يحيى أصله خطأَ قيل : بذا لم نعملِ
فإلى الكُلِّيِّ من تأصيلهم رد جزئي فذا لم يشكلِ
قلت : أيضاً وسواهم من بني فاطمةٍ أمناء الوحي بعد الرسل
قرروا المذهب قولاً خارجاً عن نصوص الآل فابحث وسل
إن يكن قرره منهم فتىً فهو من أقوالهم لا تذهل
داخلٌ لا خارجٌ عنهم فمن رام تقليداً له فليفعل
أو يكن قصدُ ك تقرير الذي هو عنهم خارجٌ في معزل
لم يكن منهم ولا من شيعةٍ لهم فاردُدْ مقال الأرذل
أو فطالبه دليلاً مسنداً سالماً إسناده عن علل
فبذاك الفلج لا الدعوى بلا شاهدٍ يهدي إلى الحق الجلي
قلت : لكن إن يكن قرًّرَه ذو اجتهاد مثل ذاك الأول
فهو تقليدٌ له أو غيره فقد انسدت طريقُ الجدل
فأجبنا أنه مجتهد ناشر أعلام خير الملل
وافقت أنظاره أنظارهم وهو أيضاً لم يقل : ذا القولُ لي
فإذا قلدتَه قلدتَهم فبهذا كلُ شكٍ ينجلي
وله بعضُ اختياراتٍ لها صار ما قرَّره كالمهمل
وهو لا يقدح في تقريره وعلى ذي درية لم يشكل
إذ على مختاره قامت له حجة واضحة لم تهمل
وكذا المذهب لابدَّ له من دليلٍ ما به من خلل
لكن الآخر لم يعرفه وإلى مفهومه لم يصل
وهو لا يوجب تركاً للذي قرَّروه مذهباً يا أملي
وإذا قرره مِثلهم فتأمل نلتَ كلَّ الأمل
وكذا من دونه مجتهداً مذهباً وهو بتقرير ملي
وأرى التقرير في عُرفهم نقل مختار الإمام الأكمل
وهو لا يشرط في الناقل أن يرتقي في العلم أعلى منزل
بل إذا قد كان عدلاً حافظاً ضابطاً في نقله لم يغفل
اكتفينا منه في التقرير في مفردات الحكم أو في الجمل
لا إذا قرره غيرهما فهو سيّان وراعي الإبل
وإليك اليوم نظماً ماحياً نورهُ الساطع ليل المشكل
هو مثل الماء في رقَّته وهو في قوته كالجبل

وأجاب عليه أيضاً العلامة عبد الله بن علي الوزير :

أيها السائل هل من مذهبٍ خذ جواباَ في الذي قدمت لي
هو لا يعدو عن الأمرين أي في اعتقاد هو أو في العمل
فاجعل التوحيد والعدل الذي تنتحيه للمقام الأول
وأرى زيداً ويحيى والذي قلته قد شرعا في المنهل
واجعل الأعمال للثاني وخذ فيه تفصيل مقام مجمل
فهما ما اتفقنا فيه فقل قد كُفينا مُّؤْنة المستشكل
ويسيرٌ فيه قد خالف ذا ذاك فابحث عنه تظفر وسلِ
والأعمُّ الأغلبُ الحكم له ثابتُ ، الأمر في ذاك جلي
فأحط علماً ، وقل مِنْ معد ذا للذي ينحو طريق الجدل
مذهب الهادي إمامُ النَّظرِ في ما ترى مذهب زيد بن علي
فاحصر المذهب في زيدٍ وق : أنا من أتباعه ذاك الولي
والذي قرر ما لم يذهبا نحوه فصِّلْه ثمَّ انفصِلِ
إن يكن في الأصل فلينظر فما يقبل التقليدَ إلا العمل
فاجتهد من بعد هذا ثم قل للذي يسأل أو لم يسأل
(( ما تُركنا هَملاً نرعى بلا سائمٍ نقفوه نهج السبل ))

ولما اطلع محمد بن إسماعيل الأمير على الجوابين السابقين أجاب بما يلي :
قد أتيتُم بسوالٍ مشكل لا أرى إشكاله بالمنجل
كم سألنا عنه قوماً غيركم من أولي العلم وأهل الجدل
وأجابوا بجوابات لهم كلها في حَلِّه غير جلي
ويقولون : هو زيديةٌ وهمُ عن نهجه في معزل !!
هذه كُتْبُهم ماطقة بالخلافات لزيد بن علي
إن تبعت النص في مسألةٍ قيل : هذا شافعي حنبلي
وإّا قلت حديث المصطفى قلتم : المذهب أهدى السبلِ
قصروا الحق على مذهبهم ثم ذا المذهب لم يظهر للي
ومع تصويبهم كلا بلا مريةٍ فالقصر عين المشكل
فاجعلوا الكلَّ سواءً فيه أو فامنعوا تقليد غير الأفضل
وعلى نظم وقفنا رائق في جواب لذكي مقول
قد أزال الهم عنا لفظه ما خلا إشكالنا لم يزل !؟؟
قال : قلد كل آل المصطفى تنج قطعاً عن مهاوي الزلل
قلت : هذه بغيتي لكنه لم يقل ذا أحد يا أملي
أتراني لو رفعت الكف في حال تكبير ، وذا رأي الولي
هل ترى أشياخكم تتركني ؟ أم يقولون أتى بالمعضل
خالف المذهب في البدعة في رفعه الكفين فليعتزل !
أنا آمل منكم رشدا ً فبحق الله أوفوا أملي
وجواب آخر طالعته صرت من رقته كالثمل
قد حلا لي لفظه لكنه لا أراه حل عقد المشكل
وأتى فيه بتحقيق لما في أصول الدين والأمر جلي
إذا هم قد حرموا تقليدنا في الأصولين فعنه انعزل
إنما السائل في ما قاله عن سوى تقليده لم يسل
قال : ما المذهب في قولكم عن عرى المذهب لا ينفصل
وإلى أي فتى نسبته من بني الزهراء أبناء علي
ثم قلتم : إن يحيى قوله قول زيد ابن الولي ابن الولي
وأرى هذا عجيبا عله قاله ناظمه مع شغل
فاتحاد القول ما بينهما مثل ما قد قلته لم يقبل
والخلافات لنا شاهدة كم رواها عنهم من رجل
فإذا قلتم كفى في المدعي اتفاق منهم في الجمل
قلت : هذا حاصل في كل من خالف الآل فقتش وسل
فاجعلوا الأقوال قولاً واحداً لا تقولوا حنفيٌ حنبلي
ثم هذا مقتضى قولكم في جوابٍ راقَ مثل السلسل
إن يكن في عملٍ فالكل في دفع ما استشكل مثل الأول
فأعيدوا نظراً ثم أرشدوا ذلك السائل أهدى السبل

ولما أطلع الحسنُ بن إسحاق على ما أجاب به البدر محمد بن إسماعيل الأمير على ما سبق من الإجابات ، كتب إلى والده العلامة إسماعيل بن صلاح الأمير :

أيها الوالد والمولى الذي حاز علماً زانه بالعملِ
والعظيمُ الفاضلُ والبدرُ ومَن عنده فصلُ الشجار المعضل
هاك ذا النظم جواباً قلتُه عن سؤالٍ واردٍ مستشكلِ
سلَّ سيف الذبِّ عن مذهبنا ماحياً ليلَ السؤال المشلك
وأرى بدر الهدى مَن ذِكره سار في الآفاق سير المثل
لم يُسلم ما ذكرنا قائلاً لا أرى الإشكال ذا بالمنجل
وإليك الحكم في ما بيننا فاحكمنْ بالحق فيه واعدلِ
دمتَ للأحكام فينا مرجعاً ومبيناً منهج الحق الجلي

فأجاب عليه نثراً بهذا الجواب ، وهو رابع الأجوبة على السؤال : (( المولى الأعظم العلامة ، الشامة في غُرَّة هذا العصر ، والعلامة شرف الإسلام ، ولسان العترة الكرام ، أيده الله تعالى ، وأبقاه زينةً للأنام ، وحسنةً للأيام ، وأهدى إلى مقامه العلي أفضل السلام .

وصل نظمكم سيدي الفريد ، ودر نضيد ، مصحوباً بالجواب الوافي المهذب في حلّ الإشكال ، الوارد على المذهب ، وقد أجبتم بغاية ما يمكن من التوجيه ، ولا ينتبه بمثل ذلك إلا نبيه . وقد كان هذا السؤال لا يزال يمر بالخاطر ، ويُجاب عنه بما لا يقع به الناظر فما يُحك ؟ بالبال تقريرهم أولى إن كل مجتهد مصيب من الصواب أو الإصابة ، ثم نراهم قاصرين الحق على المذهب ، ثم الانتساب إلى زيد بن علي يكاد يقلع هذه النسبة ، وما هو إلا كقولهم : خلافاً للشافعي ، خلافاً لأبي حنيفة ، مع أنه قد تتفق الموافقة لهما في بعض ، ثم هذه المذاهب ما يعني المنسوب إلأيه ، فإنه قد يختار كلام الهادي عليه السلام ، ثم المقررون للمذهب أيضاً قد يختلفون فيما بينهم ، فصار المذهبُ علمً في حكم النكرة ، ويحكمون على المخالف بالخطأ مع الحكم بإصابة كل مجتهد . وهل هذه إلا مناقضة ظاهرة ؟ وقد كان ظهَرَ للتوجيه ما ظهر لسيدي وفيه والله لا أخلى عنكم الوجود ! ولا زال نظم عقودكم في حل العقود ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته )) . انتهى

ثم أجاب الحسن بن إسحاق بجواب آخر على السؤال ، وهو الخامس ، ولم يكن في وزنه ، وهو قوله:
يا سائلاً بنظمه هل مذهبٌ يُتبع في أحكام خيرِ الملل
إن كنتَ يا سائلنا أهلاً لأن تنظر في علميِّها والعمل
فلا تسل بذا تعنتاً وكن مجتهداً وانظر وحقِّق واعملِ
وارفع لتكبير وضُمَّ الكفَّ إن صحَ عن النبي خيرِ الرسل
ولا تخف يوماً مقال جهل مهما ظفرت بالهدى فلتقُل
وإن قصرت رتبةً عن ذا فكن مقلداً آل النبي المرسل
لا تَعْدُ عن تقليدهم ففضلهم جاء به في السنة النصُ الجلي
معتمداً إجماعهم إذ أجمعوا وفي الخلاف اسمع مقال الأفضلِ
ملتزماً طريقة واحدةً كي لا تُعدَّ آخذاً بالأسهل
واعتمد (( الأزهار )) إن لم تستطع تبحثُ عن أفضلهم والأكمل
ففيه تقريب لما استبعده مَن ليس للآلات بالمستكمل
وإن ترى التَّقريرَ في شروحه مختلفاً عن الشيوخ الأُول
وإن سئلت نسبة المذهب قل نسبتُه لآل خير الرسل
والوجه في تحقيق زيد أنه أول من ألّف من آل علي
يرويه عن أبيه عن جدوده أكرم بزيد الولي ابن الولي
ومن يرد خروجه عن كلهم بقولِ واحدٍ من غيرهم أو عمل
قد بطلت نسبتُه إليهم فما لَهُ عندهم مِنْ مدخل
أولا تطيب النفسُ منك بالذي قد قلتهُ فهات لي يا أملي
ماذا الذي يفعلهُ مَنْ لم يكن مجتهداً في عصرنا بيِّنه لي
ولم يكن في قُطره مجتهدٌ يسأل منه حلَّ عقد المشكل
كمن قرا القرآن ثم اشتاق أن يمتازَ عن رتبة راعي الإبل
وما له على اجتهادٍ قدره لأنه بعيشه في شغل
فهل له يفعل ما أراده كالجاهل الِّرف الذي لم يعقل
يجوز إن وافق قولَ قائلٍ في حاضرِ الحالة والمستقبل
مع كونه يمكنه يلتزم ((الأ زهار)) في فصوله والجمل
وإنني قد خضت عبرَ بحرِكم إذ طال فيه الخوض خوفَ الملل
وقاصد منكم جواباً في الذي سألتُ عنه فأجب وعجِّل

فأجاب محمد بن إسماعيل الأمير عليه في غير ذلك الوزن والروي ما لعله يحل من الإشكال معظمه ، وهو الجواب السادس :

وقفت على السؤال وما حواه وقوف محاولٍ فهم الخطاب
فلما ذقت فحوى ما حواه وقفت على الجوابات العذاب
فيا لله ما أحلى معانٍ وألفاظٍ أرق من الشراب
حلَت لكن خلت عن كل معنى يُسوّغ أن يُسمى بالجواب
أتسقون الفتى الظمآن منكم إذا استسقى بكأسٍ من سراب
خذوا عني خذوا عني جواباً وذباً عن بني أبي ترابِ
ودونك أيُّها الحيران فاسمع جواباً لم يكن في حساب
فمذهبُنا إذا ما أطلقوه وقرّره النجوم منَ الصحابِ
وأطلقه المحقِّقُ في الفتاوى وعنونَه بعنوان الصواب
وأضحى في يد الحكام سيفاً يشق به القضايا كالرقاب
وقيَّده الرؤوس لذي دروسٍ بلفظة مذهب طيّ الكتاب
وسنة أحمدٍ مهما رواها جهابذة الأئمة والصحاب
كذلك ما يسلسله ثقاتٌ إلى المولى الوصّي أبي تراب
فإن فُقدَت أبيح له رجوعٌ لتحصيل القياس بالاكتساب
وللتمييز يكتبها بحسنٍ فقيهٌ في المدارس لا يحابي
فذلك مذهبٌ يدعى ليحيى إمام القُطر والبحر العباب
هو المتبوع وهو لذاك أهلٌ إلى المحراب يعدو والحراب
له عند التقا الأبطال وجد وشغل بالطِّعان وبالضراب
وعند السِّلم أقلامٌ تبارى بأقوال تُؤيَّدُ بالكتاب
فهذي حجة الأقوال مهما أتت فاشكر لما أهدى خطابي
وخرَّج بعدَ ذاك له أناسٌ من النُّظار فاطَّرِحِ التَّغابي
وقد جعلوا المخرّج شبه نصٍ ليحيى داعي الحق المجابِ
فإن يتعارض القولان نصاً وتخريجاً فخُلفٌ في الصحاب
فبعضهم يرجِّح نصَّ يحيى وبعضهم مفاهيم الخطاب
فمن هذا يُذهب ذاك قولاً وذاك إلى سواه في ذهابِ
وكم خدمَت مقالته أناسٌ همُ مثل المؤَّد والشِّهاب(5)
لهذا صنَّف التجريد قصداً لإظهار الأدلة والصواب
وهذا باقتصار واختصار أتى في ذاك بالبحر العباب
ولا تعجب إذا ما خالفاه وتحسب أنَّ ذاك مِن الخراب
لما قد اسّساه لأصل يحيى سقى مثواه هطَّالُ السَّحاب
فما المقصود إلا أنَّ هذا قويٌّ للمقلد في حساب
ومختاري يخالفه لأني عرفتُ الحقَّ فيه فلا أحابي
فهذا أصلُ مذهبنا ولكن ذوو التدريس في الكتب الصعاب
أجلُّهم ذوو التقصير في ما رأوْهُ أو روَوه في كتاب
فلم يدروا بمذهبنا يقيناً وقد خلطوا الخطا مع الصواب
وذهبوا الضعيف وقرَّروه وما خافوا مناقشة الحساب
وأوقعوا الذي ينشى لديهم كإيقاع الفراشة في الشِّهاب
فإن أصغى لفطرته قليلاً رأى الأقوال في موجِ اضطراب
كسائلنا الذي وافى برشدٍ مُريداً للنجاة من العذاب
فخذ هذا جوابك عن سؤال غدا منه فؤادك في التهاب
وإن ترد النَّصيحة بعد هذا فألقِ دِلاك في البحر العُباب
علوم الإجتهاد إلى رباها تسامى واقتَطِفْ منها الرَّوابي
وخُصَّ محمداً خير البرايا كذاك الآل طُراً والصحاب
بتصليةٍ وتسليمٍ كثيراً تزورهم إلى يوم الحساب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحسن الرصاص
عضو مبتدىء
عضو مبتدىء
الحسن الرصاص


المساهمات : 47
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

عقود التشكيك لمعرفة من هو صاحب المذهب الزيدي Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الرد على الرافضة   عقود التشكيك لمعرفة من هو صاحب المذهب الزيدي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 22, 2008 7:19 pm

كتاب
الرد على الرافضة لنجم آل الرسول الإمام القاسم بن إبراهيم عليهم السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على كل حال.
زعمت الرافضة أنه لم يكن قرن من القرون خلا ولا أمة من الأمم الأولى إلاّ وفيها وصي نبي أو وصي وصي حجة لله قائمة عليهم عالم بأحكامه فيهم مفروضة عليهم طاعته ومعرفته ليس لأحد ممن معه في دهره حاله ولا صفته ، لا يهتدي إلى الله أبداً من ضله ، ولا يعرف سبحانه أبداً من جهله.
فيسئلون - ولا قوة إلاّ بالله - عن فترات الرسل في الأيام الماضية وما لم يزل فيها لا ينكره منكر ولا يجهله من الأمم الخالية ، هل خلت منها كلها فترة ، وأمه منهم مستقله أم مستكثرة من أن يكون فيها إمام هادٍ حجة لله على من معه من العباد يعلم من حلال الله وحرامه وجميع ما حكم الله به في العباد من أحكامه ما يعلم من تقدمه وكان قبله من كل ما حكم الله به ونزله؟.
فإن قالوا: لا تخلو فترة من الفترات مضت، ولا أمة من الأمم كلها التي خلت، من أن يكون فيها إمام هاد على العباد لله حجة، ليس لأحد معه إلى غيره من الخلق كلهم حاجة محوجه، في احتجاج بحق ولا تبيين، ولا في حكم من أحكام الدين، من نذارة لقى ولا رداً، ولا تبصرة لرشد ولا هدى كما قالت الرافضة: فلا حاجة إذن بعد آدم بأمة من الأمم، إلى أن يبعث الله فيهم نبيا، ولا يجدد لهم لرشده وحياً، يعلمهم في دين الله علماً ولا يحكم عليهم لله حكماً، ومن كان من ذلك وفيه، ففضل لافاقة بأحد إليه، لأنه لا يبعث نبي في فترة، ولا أمة مستقلة ولا مستكثرة إلاّ ووصيها فيها، كافٍ في الحجة عليها، مستغنىً به عن التبصرة والتعريف، وما حملها الله من فرض أو تكليف، تامة به النعمة في الهدى من الله عليهم، لعلمه بجميع أحكام الله سبحانه فيهم، وفيما قالوا به من هذا القول، الغني عن كل نبي أو رسول، جاء عن الله بنذارة لجاهلٍ من عباده أو تعليم، أو هداية لضال من خلقه أو تقويم.
وفي هذا من إكذاب كتاب الله ووحيه، وخلاف خبره تبارك وتعالى على لسان نبيئه، مالا خفاء به ولا فيه عن موحد ولا ملحد، ولا خصمٍ لدّا أولم يلد، والله تبارك وتعالى يقول في إكذاب من قال بهذا القول عليه في كتابه، بما لا يأباه مكابر مرتاب وإن عظمت بليته في ارتيابه، قال الله سبحانه: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ))[الحجر: 10]، وقال سبحانه: ((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ))[النحل: 36]، وقال سبحانه: ((وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ * وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ))[فاطر: 25،24]، وقال سبحانه: ((وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ))[فاطر: 4]، مع ما ذكر لا شريك له مما يكثر عن أن نحصيه من تبعيثه في الماضين للرسل والنذر، وما لم يزل يحدده من نعمة من ذلك في البشر، لا يذكر في كله سبحانه وصياً، ومما ذكرت الروافض في ذلك كله شيئاً، ولو كان الهدى يصاب بغير كتب الله ورسله، لعرف الله في ذلك بمنته وفضله، ولذكر حجته به على عباده، وما دلهم عليه به من رشاده، كما قال سبحانه فيما أنعم به من وحيه، ومنَّ به فيه من أمره ونهيه: ((يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ))[يونس: 57]، قال سبحانه : ((يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا))[النساء: 174]، مع ما يكثر في هذا ومثله، من ذكر نعم الله فيه وفضله، وكما قال سبحانه لرسوله صلى الله عليه وعلى أهله: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ))[الأنبياء: 107]، وقال سبحانه: ((لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ))[آل عمران: 164]، وكما قال سبحانه: ((يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا))[الأحزاب: 46،45]، فذكر سبحانه منته على عباده برسوله وكتابه.
وما ذكر في ذلك مما تقول الرافضة - بحمد الله - قليلاً ولا كثيراً، ولا أنه جعل غير رسوله كما جعله سراجاً منيراً، فنحمد الله على ما أفرد به رسوله صلى الله عليه وعلى أهله من التقدمة والتبيين إلى الدلالة به لعباده على كل رشدٍ أو دين، فهدا به في أيام حياته، وقبل نزول حمامه ووفاته، خلقاً كثيراً من خلقه، ودلهم سبحانه على سبيل حقه، وهو بينهم سوي حي، ينزل عليه – وهم معه أحياء – الوحي، ببيان ما التبس عليهم، وبما مَنَّ الله به من بعث رسوله فيهم، وقد أكمل لهم سبحانه قبل وفاته الدين، وأبان لهم به صلى الله عليه وعلى أهله التبيين، بأنور دليل، وأقوم سبيلٍ، وأبلغ حجة في هدي وتبصير، وأهدى هداية تكون بنذارة أو تذكير.
وفيهم ما يقول سبحانه: ((وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ))[آل عمران: 101]، وكما قال سبحانه: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا))[المائدة: 3]،خبراً منه سبحانه عن أنه قد بين لهم دينهم كله جميعا وتبيينا، ومن ذلك ما يقول سبحانه: ((فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ))[الأنعام: 149]، وقوله سبحانه: ((وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ))[الأنعام: 119]، ويقول: ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ))[الحج: 78،77]، فجعلهم جميعاً برحمته وفضله وإكرامه لآبائهم من أوليائه ورسله، شهداء علي خلقه وعباده، وأمناءه في أرضه وبلاده.
وجعلهم سبحانه أئمةً شهداء كما جعلهم، وفضلهم من ولده إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بما فضلهم، فبفعلهم للخيرات وعملهم للصالحات، في كل ما حكم به عليهم من فرضه وعدهم ما وعدتهم من الاستخلاف لهم في أرضه، وما وعدهم في ذلك من مواعيده، وتكفل لهم به في الشكر عليه من مزيده.
وأخبر سبحانه بأصدق الخبر عن فسق من كفر منهم نعمة فيه، ولم يؤد من شكره به ما يجب الله عليه، فقال سبحانه: ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ))[النور: 55].
فمن لم يفعل من الإيمان ما فعلوا، ويعمل من الصالحات كما علموا، فلم يجعل الله له إيماناً ولا إسلاماً، فكيف يجعله في الهدى إماما ؟‍ً وإنما جعل الله الإمام من هدى بأمره، وعرف بالجهاد في الله مكان صبره، كما قال الله لرسوله صلى الله عليه وعلى آله: ((وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ))[السجدة: 24،23].
فكيف يكون بالله موقناً أو معتصماً، أو عند الله مؤمناً أو مسلماً، من يشبه الله بصورة آدم، وبما فيه من صور الشعر واللحم والدم؟ وأولئك فأصحاب هشام بن سالم.
أو كيف يكون كذلك من قال بقول ابن الحكم، وهو يقول: إن الله نور من الأنوار، وأنه سبحانه حبه مسدسه المقدار، وأنه يعلم بالحركات ويعقل، وتحف به الأماكن وينتقل، وتبدو له البدوات، وتخلو منه السماوات، لأنهم يزعمون أنه على العرش دون ما سواه، وأنه لا يبصر ما حجبته عنه الحجب ولا يراه، ويدنوا لما يدنوا له من الأشياء المشاهدة، وينأ عما نأى عنه بالمباعدة، فما نأى عيه فليس له شهيد وما قرب منها إليه فهو منه غير بعيد.
والله سبحانه يقول فيما وصف نفسه لعباده، وما تعرف إليهم به من الصفات في كتابه: ((يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ))[المجادلة: 6]، وقال سبحانه: ((إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ))[الحج: 17]، وقال سبحانه: ((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ))[ق: 16]، وقال سبحانه: ((وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ))[الأنعام: 3]، أفما في هذا بيانٌ قاتلهم الله أنى يؤفكون أنى‍‍.
مع ما بين في غير هذا من بعده عن شبه الأشياء، من النور وغيره من كل ظلمة وضياء، من ذلك قوله سبحانه: ((لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ))[الأنعام: 103]، وقوله سبحانه: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ))[الشورى: 11]، وقوله جل جلاله، عن أن يحويه قول أو يناله: ((وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ))[الإخلاص: 4]، الكفؤ: فهو المثل والند، فلو كان كما قال هشام وأصحابه نوراً وجسماً، أو كان كما قال ابن الحكم لحماً ودماً، لكانت أكفاؤه عدداً، وأمثاله سبحانه أشتاتاً بدداً، لأن الأنوار في نورها متكافئة، والأجسام في جسميها متساوية، وكذلك تكافؤ اللحم والدم، كتكافؤ الجسمية كلها في الجسم، ولو كان كما قال أصحاب النور نوراً محسوساً، لكانت الظلمة له ضداً ملموساً، ولو كان بينهما كذلك لوقع بينهما ما يقع من الأضداد، من التغالب والتنافي والفساد، فسبحان من ليس له ند يكافيه، ولا ضد من الأضداد ينافيه، ((خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ))[الزمر: 62].
وما قالت به الرافضة من هذا فقد تعلم أن كثيراً منها لم يقصد فيه لما قصد، أويعتقد من الشرك بالله في قوله به ما اعتقد، ألاّ وإن ما قالوا به في الله، أشرك الشرك بالله، فنعوذ بالله من الشرك بربوبيته، والجهل لما تفرد به من وحدانيته.
هذا إلى ما أتوا به من الضلال بقولهم في الوصية، وما عظموا على الله وعلى رسوله في ذلك من الدعوى والفرية، التي ليست لهم بها في العقول حجة ولا برهان، ولم ينزل بها من الله وحي ولا فرقان .
وما قالت به الرافضة في الأوصياء من هذه المقالة فهو قول فرقة كافرة من أهل الهند يقال لهم البرهمية، تزعم أنها بإمامة آدم من كل رسول وهدى مكتفية، وأن من ادعى بعده نبوة أو رسالةً فقد ادعى دعوة كاذبة ضالة، وأنه أوصى بنبوته إلى شيث، وأن شيثاً أوصى إلى وصي من لده، ثم يقودون وصيته بالأوصياء إليهم، ولا أدري لعلهم يزعمون أن وصيته اليوم فيهم.
ولو كان الهدى في كل فترة كاملاً موجوداً، ولم يكن إمام الهدى في كل أمة مفقوداً، لما جاز أن يقال الفترة من الفترات فترة، ولا كانت للجاهلية في أمة من الأمم قهرة، وقد ذكر الله لا شريك له أنه لم يرسل محمداً عليه السلام إذ أرسله، ولم يرسل من أرسل من الرسل قبله، إلاّ في أمة ضالة غير مهتدية في دينها لحظها، ولا مستحقة على ما الله بإصابة رشدٍ لحفظها، ولكن رحمة منه سبحانه لها وإن ضلت، وإحساناً منه إليها في تعليمها إذ جهلت، كما قال الله سبحانه: ((كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ))[البقرة: 213]، فأخبر أنهم كلهم كانوا ضالين غير مهتدين، ولو كان فيهم حينئذ وصي وأوصياء، لكان فيهم يومئذ لله ولي وأولياء، ولما جاز مع ذلك لو كان كذلك، أن يقال لهم: أمة واحدة، لأنهم فرق متضادة، لا يجمعهم في الهدى كلمة، ولكنهم في الضلال أمة.
وكما قال سبحانه في بعثته لمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ))[القصص: 46]، فما ذكر سبحانه أنه كان فيهم يوم بعثته له إليهم ومنته بالهدى فيه عليهم، مهتدٍ واحدٍ منهم بهداه، ولا قائم بما هو الهدى من تقواه، لا رسول ولا نبي، ولا إمام ولا وصي، حتى مَنَّ تبارك وتعالى عليهم، ببعثته لمحمد عليه السلام إليهم، فأقام لهم به منار الهدى وأعلامها، ونهج لهم سبل الحجج بأنوار أحكامها، فبين به من ذلك كله ما كان درس وهلك خفاتاً، وأحيا به صلى الله عليه وعلى آله ما كان مواتاً، توحداً منه سبحانه بالمنة فيه على خلقه، وإفراداً لرسوله صلى الله عليه وعلى آله بالدلالة على حقه، فلم يبق من هدى المحجوجين من العباد، باقية بها إليهم حاجة في رشاد،ٍ يكون بها لهم في دنياهم صلاح، ولا لهم فيها عند الله فلاح، إلاّ وقد جاء بها كتاب الله سبحانه منيرةً مستقرة، وكررّ - لا إله إلاّ هو - بها فيه بعد تذكرة تذكرة، إحساناً إليهم ورحمةً، وتذكرة لهم وعصمة، ومظاهرةً للنعمة فيهم وإسباغاً، واحتجاجاً بكتابه عليهم وإبلاغاً، كما قال سبحانه: ((هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ))[آل عمران: 138]، وقال سبحانه: ((هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ))[الأعراف: 203].
فأين ذكر الرافضة في هذا وأمرها من ذكر الله وأمره، وما بيّن سبحانه من إكذابهم فيما قالوا بخبره؟‍ فالله سبحانه يخبر أن كلهم كان ضالاً فهداه، وجاهلاً بالهدى حتى علمه الله بمنه إياه، كما قال سبحانه لبني آدم: ((وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))[النحل: 78]، وقال سبحانه لرسوله: ((وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا))[النساء: 113]، وقال سبحانه: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ))[الجمعة: 2]، وقال سبحانه: ((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ))[النحل: 36].
ولا يهدى أحد أبداً إلاّ من ضلال، ولا يهتدي من تركه الله في جهالته من الجهال، والله سبحانه يخبر أنهم كلهم كانوا في ضلال وعمى، وقد كانوا جميعاً جهلةً بدينه لا علماء .
يتبع......
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عقود التشكيك لمعرفة من هو صاحب المذهب الزيدي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Shbab :: الفئة الأولى :: المنتدى الاسلامي :: الزيدية-
انتقل الى: