بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلَّم
الحمد لله الذي فضَّل أهل البيت النبوي بالشرف ، وجعل المُعوَّل على اقتفاء منهلهم السويّ المُجانب للتقتير والسَّرف ، وأكرم بالوقوف على مرتبتهم من اختاره ، وألهم إلى العُكوف على محبَّتهم من صيّرها شعاره ودثاره ، وزان قوماً بالسعي في مصالحهم ، فهان بما أَلفوه لهم من الرعي قدر مُكافحهم ، لتضمُّن ذلك الإجلال لنبينا المُطَلَّبي الهاشمي القرشي ، وتحصّن كلٌّ منهم بالامتثال في صنيعه من الرَشي والمُرتشي ، خصوصاً إن انضم إليه الإحسان باللَّحظ للعلماء ، لا سيما المُحدِّثين الذين صاروا أقل من القليل بيقين . وكان حريصاً فجلب ما ينفعهم بالبنان مع اللفظ والإجلال المُبين ، لاختصاصهم عن سائر الفِرق نُطقاً وكتابةً في الورق ، بكثرة الصلاة على من اختاره الله واصطفاه وانتصابهم مع الأرق ، لتبين ما يندفع به اللُّبس والاشتباه ، حتى كأنهم المعنيون بقول الشارع :
(( أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة )) .
اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الكرام ، وتابعيهم القائمين بنشر سنته باهتمام .
وبعد :
فهذا تصنيف شريفٌ في العِتْرة العَطرة الطيبة ، والذُّرية البهيّة المنتخبة . اشتمل على مقدمة وخاتمة بينهما فصولٌ ، وفوائد مهمّة بالبرهان قائمة من مقبول المنقول ، جَمعتُه امتثالاً لإشارة من ارتقى بما انتقى من محاسن والده ، وذاق بفهمه الذي راق حلاوة ما استجبناه من ثمر العلم وفوائده . زادَه الله حيث حَشى من جميل الثناء سمعه ، ومشى بما رأى فيه نفعه من طريف الخير وتالده ، وأبعده سعادة أوليائه ، ومتع بدوام حياته وبقائه .
وذلك بعد تطلُّبي (( ذخائر العُقبى في مناقب ذوي القربى )) لشيخ الحجاز المُحب الطبري أبي جعفر – الذي طالعتُهُ فيما مضى وغبر ، فما وجدت الآن مَنْ عنه أخْبر - ، ثم بعد الانتهاء من هذا الجمع ، والاقتفاء فيه بما تقرّ به العين ويلذُّ في السمع ، رأيت المصنّف المشار إلأيه ، والمرغوب في الوقوف الآن عليه ، فوجدت غاية غرضه ونهاية منتهضه ، تفصيل فضائل أكثر من أشرت لاسمه في الفاتحة ، والتطويل بما لا يُبينه من الموضوع والمنكر ، فضلاً عن الضعيف مع سعة علمه ، إلى غير ذلك من التساهل والمسامحة .
فعلمت بذلك صحة مقاله حافظ بلده ، حيث وصفه بهذا وعدَّه في منتقده . بل قال شيخنا – وناهيك به من مثله – إنه كثير الوهم في عزوه للحديث ونقله ، هذا مع أنه لم يكن في زمنه مثله في الحرم ، بل قيل : إن مكة لم تُخرج بعد إمامنا الشافعي نظيره ، ولكنها مقالةٌ مخدوشةٌ ، مع أنها لا تشفي من هذا الألم .
على أنّي لو مشيت في هذا المَهْيع ، لَجَاء في عدة مجلدات فيها الكفاية والمَقْنع ، مع بيان السمين من الهزيل ، والثابت المكين من المُزلْزَل العليل . إذ قد جمع الأئمة في كُلّ من عليّ والعباس ، والسّبطين رضي الله عنهم تصانيف منتشرة في الناس ، وكذا أفردت مناقب الزهراء رضي الله عنها وغيرها ممن علا شرفاً وفخراً .
لكن ليس غرضُ السائل إلا إجمال الفضائل التي يندرج فيها من بعدهم ، ويبتهج بها من جعل دَيْدَنَه حُبَّ أهل البيت وودَّهم .
وقد أتيت من ذلك بما لم أقف عليه في ديوان ، وقلدتُ المُحِبَّ في أشياء أضفتها إليه من غير بيان ، وسميته : (( استجلاب ارتقاء الغُرف بحبّ أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم وذوي الشَّرف )) .
والله أسأل أن ينفع مُصنِّفه وجامعه ، وكاتبه وقارئه ، وسامعهُ وجميع المسلمين ، آمين